إلَّا الضَّلَالُ} وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ. فَالْأَرْبَعَةُ تُحَرِّمُ كُلَّ اللَّهْوِ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْجُمْهُورُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: " إحْدَاهُمَا " هَلْ يُسَلَّمُ عَلَى اللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ؟ فَمَنْصُوصُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ. وَمَذْهَبُ مَالِك وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهُ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ. وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ. وَمَذْهَبُ أَحْمَد أَنَّ النَّرْدَ شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ. وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا اشْتَمَلَا عَلَى عِوَضٍ أَوْ خَلَوَا عَنْ عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ النَّرْدِ فِيهَا وَزِيَادَةً مِثْلَ صَدِّ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ؛ وَعَنْ الصَّلَاةِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ: إنَّ الشِّطْرَنْجَ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ؛ وَالنَّرْدَ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ. وَاشْتِغَالُ الْقَلْب بِالتَّفْكِيرِ فِي الشِّطْرَنْجِ أَكْثَرُ. وَأَمَّا إذَا اشْتَمَلَ النَّرْدُ عَلَى عِوَضٍ فَالنَّرْدُ شَرٌّ. وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِ أَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا جَعَلُوا النَّرْدَ شَرًّا لِاسْتِشْعَارِهِمْ أَنَّ الْعِوَضَ يَكُونُ فِي النَّرْدِ دُونَ الشِّطْرَنْجِ. وَمِنْ هُنَا تَبِينُ الشُّبْهَةُ الَّتِي وَقَعَتْ فِي هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمَيْسِرَ فِي كِتَابِهِ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْسِرِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُغَالَبَاتِ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْقِمَارِ مِنْ الْمَيْسِرِ؛ سَوَاءٌ كَانَ بِالشِّطْرَنْجِ أَوْ بِالنَّرْدِ أَوْ بِالْجَوْزِ أَوْ بِالْكِعَابِ أَوْ الْبَيْضِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ: كَعَطَاءِ وَطَاوُوسٍ وَمُجَاهِدٍ؛ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِي: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْقِمَارِ فَهُوَ مِنْ الْمَيْسِرِ؛ حَتَّى لَعِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute