للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَتَمَامُ هَذَا بِالْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَجَازِ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ قَالَ: يُعْتَذَرُ عَنْ قَوْلِهِ: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} وَالْأَنْهَارُ غَيْرُ جَارِيَةٍ. فَيُقَالُ: النَّهْرُ كَالْقَرْيَةِ وَالْمِيزَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُرَادُ بِهِ الْحَالُّ وَيُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ فَإِذَا قِيلَ: حَفَرَ النَّهْرَ؛ أُرِيدَ بِهِ الْمَحَلُّ وَإِذَا قِيلَ: جَرَى النَّهْرُ؛ أُرِيدَ بِهِ الْحَالُّ. وَعَنْ قَوْلِهِ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَعِلٍ كَاشْتِعَالِ النَّارِ فَهَذَا مُسَلَّمٌ؛ لَكِنْ يُقَالُ: لَفْظُ الِاشْتِعَالِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي هَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْبَيَاضِ الَّذِي سَرَى مِنْ السَّوَادِ سَرَيَانَ الشُّعْلَةِ مِنْ النَّارِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ وَاسْتِعَارَةٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ} اُسْتُعْمِلَ فِيهِ لَفْظُ الِاشْتِعَالِ مُقَيَّدًا بِالرَّأْسِ لَمْ يَحْتَمِلْ اللَّفْظَ فِي اشْتِعَالِ الْحَطَبِ وَهَذَا اللَّفْظُ - وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} - لَمْ يُسْتَعْمَلْ قَطُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بَلْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ هَذَا الْوَضْعُ يُغَيِّرُ بَعْدَ وَضْعٍ اشْتَعَلَتْ النَّارُ فَلَا يَضُرُّ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ تَشْبِيهُ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِهَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَضُرُّ بَلْ هَذَا شَأْنُ الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ لَا بُدَّ أَنْ