وَهَذَا تَلَقَّاهُ مِنْ صَاحِبِ الْفُصُوصِ وَأَمْثَالُ هَذَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ كَثِيرُونَ وَسَبَبُ ضَلَالِ الْمُتَفَلْسِفَةِ: وَأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ: الْمُوَافَقَةُ لِضَلَالِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ الْإِطْنَابِ فِي بَيَانِ ضَلَالِ هَذَا وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْفُصُوصِ وَأَمْثَالَهُ قَالُوا قَوْلَ هَؤُلَاءِ. فَأَمَّا كُفْرُ مَنْ يُفَضِّلُ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْفُصُوصِ - فَظَاهِرٌ؛ وَلَكِنْ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ؛ وَلَكِنْ يَرَى أَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ غَيْرَ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَيُسَوِّغُ لِنَفْسِهِ اتِّبَاعَ تِلْكَ الطَّرِيقِ وَإِنْ خَالَفَ شَرْعَ الرَّسُولِ وَيَحْتَجُّونَ بِقِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ. وَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مُوسَى لَمْ يَكُنْ مَبْعُوثًا إلَى الْخَضِرِ وَلَا كَانَ يَجِبُ عَلَى الْخَضِرِ اتِّبَاعُ مُوسَى فَإِنَّ مُوسَى كَانَ مَبْعُوثًا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {أَنَّ مُوسَى لَمَّا سَلَّمَ عَلَى الْخَضِرِ قَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِك السَّلَامُ؟ قَالَ أَنَا مُوسَى قَالَ: مُوسَى بَنِي إسْرَائِيلَ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ: إنَّك عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَكَهُ اللَّهُ لَا أَعْلَمُهُ وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ} . وَلِهَذَا قَالَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِخَمْسِ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّ رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدِ قَبْلِي وَأُعْطِيت الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْت إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute