للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} مِنْ بَابِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ وَالسُّؤَالُ إنَّمَا وَقَعَ عَنْ الْقِتَالِ فِيهِ فَلِمَ قُدِّمَ الشَّهْرُ وَقَدْ قُلْتُمْ: إنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَا بَيَانُهُ أَهَمُّ وَهُمْ بِهِ أَعْنَى؟ . قِيلَ: السُّؤَالُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ وَتَشْنِيعِ أَعْدَائِهِمْ عَلَيْهِمْ انْتِهَاكَهُ وَانْتِهَاكَ حُرْمَتِهِ وَكَانَ اهْتِمَامُهُمْ بِالشَّهْرِ فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِالْقِتَالِ فَالسُّؤَالُ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ أَجْلِ حُرْمَةِ الشَّهْرِ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ فِي الذِّكْرِ وَكَانَ تَقْدِيمُهُ مُطَابِقًا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقَاعِدَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا الْفَائِدَةُ فِي إعَادَةِ ذِكْرِ الْقِتَالِ بِلَفْظِ الظَّاهِرِ وَهَلَّا اكْتَفَى بِضَمِيرِهِ فَقَالَ: هُوَ كَبِيرٌ؟ وَأَنْتَ إذَا قُلْت: سَأَلَتْهُ عَنْ زَيْد هُوَ فِي الدَّارِ كَانَ أَوْجَزَ مِنْ أَنْ تَقُولَ أَزَيْدٌ فِي الدَّارِ؟ . قِيلَ: فِي إعَادَتِهِ بِلَفْظِ الظَّاهِرِ بَلَاغَةٌ بَدِيعَةٌ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ الْخَبَرِيِّ بِاسْمِ الْقِتَال فِيهِ عُمُومًا وَلَوْ أَتَى بِالْمُضْمَرِ فَقَالَ: هُوَ كَبِيرٌ لَتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ الْقِتَالِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛