للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْغَالِبُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ. وَلَوْ كَانَ الْحَرَامُ هُوَ الْأَغْلَبَ وَالدِّينُ لَا يَقُومُ فِي الْجُمْهُورِ إلَّا بِهِ لَلَزِمَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا تَرْكُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ أَكْثَرِ الْخَلْقِ. وَإِمَّا إبَاحَةُ الْحَرَامِ لِأَكْثَرِ الْخَلْقِ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ. وَ " الْوَرَعُ " مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ الْنُعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ} . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: {دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك} {وَرَأَى تَمْرَةً سَاقِطَةً فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتهَا} . وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَهَذَا يَتَبَيَّنُ بِذِكْرِ أُصُولٍ: " أَحَدُهَا ": أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مَا اعْتَقَدَ فَقِيهٌ مُعَيَّنٌ أَنَّهُ حَرَامٌ كَانَ حَرَامًا؛ إنَّمَا الْحَرَامُ مَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ أَوْ قِيَاسٍ مُرَجِّحٍ لِذَلِكَ وَمَا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ رُدَّ إلَى هَذِهِ الْأُصُولِ. وَمِنْ النَّاسِ