فَيُثَابُ عَلَى حُسْنِ قَصْدِهِ؛ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوعُ خِلَافَ مَا فَعَلَهُ. مِثْلَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَكْلِ مَا فِي الْأَسْوَاقِ وَلَمْ يَأْكُلْ إلَّا مَا يَنْبُتُ فِي الْبَرَارِي وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَإِنَّمَا يَأْكُلُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْثِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فَاعِلُهُ حَسَنَ الْقَصْدِ وَلَا فِيمَا فَعَلَ تَأْوِيلٌ؛ لَكِنَّ الصَّوَابَ الْمَشْرُوعَ خِلَافُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ وَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَهُ إلَى السَّمَاءِ. يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ} فَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ مِنْ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ. كَمَا أَمَرَهُمْ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِأَكْلِ وَشُرْبٍ وَلِبَاسٍ. وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ مَسْكَنٍ وَمَرْكَبٍ وَسِلَاحٍ يُقَاتِلُ بِهِ وَكُرَاعٍ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ وَكُتُبٍ يَتَعَلَّمُ مِنْهَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقُومُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ إلَّا بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. فَإِذَا كَانَ الْقِيَامُ بِالْوَاجِبَاتِ فَرْضًا عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادِ وَهِيَ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهُ قَلِيلٌ؛ بَلْ هُوَ كَثِيرٌ غَالِبٌ؛ بَلْ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute