للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلنِّسَاءِ التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِيهَا: فَالْأُمُورُ الَّتِي هِيَ مِنْ خَصَائِصِ الْبَهَائِم لَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ التَّشَبُّهُ بِالْبَهَائِمِ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَيَوَانِ قَدْرٌ جَامِعٌ مُشْتَرِكٌ وَقَدْرٌ فَارِقٌ مُخْتَصٌّ ثُمَّ الْأَمْرُ الْمُشْتَرِكُ: كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنِّكَاحِ وَالْأَصْوَاتِ وَالْحَرَكَاتِ؛ لَمَّا اقْتَرَنَتْ بِالْوَصْفِ الْمُخْتَصِّ كَانَ لِلْإِنْسَانِ فِيهَا أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ؛ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِمَا يَفْعَلُهُ الْحَيَوَانُ فِيهَا. فَالْأُمُورُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ أَوْلَى؛ مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا مُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا؛ وَلَكِنْ فِيهِ أَوْصَافٌ تُشْبِهُ أَوْصَافَهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرِكُ إنَّمَا وُجُودُهُ فِي الذِّهْنِ؛ لَا فِي الْخَارِجِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ الْإِنْسَانَ مُخَالِفًا بِالْحَقِيقَةِ لِلْحَيَوَانِ وَجَعَلَ كَمَالِهِ وَصَلَاحَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تُنَاسِبُهُ وَهِيَ جَمِيعُهَا لَا يُمَاثِلُ فَهَا الْحَيَوَانَ؛ فَإِذَا تَعَمَّدَ مُمَاثَلَةَ الْحَيَوَانِ وَتَغْيِيرَ خَلْقِ اللَّهِ: فَقَدْ دَخَلَ فِي فَسَادِ الْفِطْرَةِ وَالشِّرْعَةِ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

فَصْلٌ قَوْلُهُ: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} يَقْتَضِي وُجُوبَ طَاعَتِهَا لِزَوْجِهَا مُطْلَقًا: مِنْ خِدْمَةٍ وَسَفَرٍ مَعَهُ وَتَمْكِينٍ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا