للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَاةَ إلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا} .

وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْإِمَامِ إذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ قَهْرًا: هَلْ تُجْزِئُهُ فِي الْبَاطِنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، مَعَ أَنَّهَا لَا تُسْتَعَادُ مِنْهُ. أَحَدِهِمَا: لَا تُجْزِيهِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا. وَالثَّانِي: أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ تَقُومُ مَقَامَ نِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُهَا مِنْهُمْ بِإِعْطَائِهِمْ إيَّاهَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْقُرْآنُ بِنَفْيِ قَبُولِهَا؛ لِأَنَّهُمْ يُنْفِقُونَ وَهُمْ كَارِهُونَ. فَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ أَنْفَقَ مَعَ كَرَاهَةِ الْإِنْفَاقِ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ، كَمَنْ صَلَّى رِيَاءً. لَكِنْ لَوْ تَابَ الْمُنَافِقُ وَالْمُرَائِي: فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ الْإِعَادَةُ؟ أَوْ تَنْعَطِفُ تَوْبَتُهُ عَلَى مَا عَمِلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيُثَابَ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُعِيدُ وَلَا يُثَابُ. أَمَّا الْإِعَادَةُ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُنَافِقِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَابَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ جَمَاعَةٌ عَنْ النِّفَاقِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْإِعَادَةِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا نَقَمُوا إلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا