فِيهِ الرُّوحُ أَكْمَلُ مِنْ الْحَجَرِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} فَالْجَنِينُ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ حَيًّا فِي الْعَادَةِ نَاطِقًا نُطْقًا يَسْمَعُهُ الْإِنْسَانُ السَّمَاعَ الْمُعْتَادَ فَهُوَ أَكْمَلُ مِنْ الْحَجَرِ وَالتُّرَابِ. وَأَيْضًا فَيُقَالُ لَهُمْ: رَبُّ الْعَالَمِينَ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ الِاتِّصَافَ بِالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَّصِفْ بِهِ كَانَ دُونَ الْأَعْمَى الْأَصَمِّ الْأَبْكَمِ؛ وَإِنْ قَبِلَهَا وَلَمْ يَتَّصِفْ بِهَا كَانَ مَا يَتَّصِفُ بِهَا أَكْمَلَ مِنْهُ؛ فَجَعَلُوهُ دُونَ الْإِنْسَانِ وَالْبَهَائِمِ وَهَكَذَا يُقَالُ لَهُمْ فِي أَنْوَاعِ الْفِعْلِ الْقَائِمِ بِهِ: كَالْإِتْيَانِ؛ وَالْمَجِيءِ؛ وَالنُّزُولِ؛ وَجِنْسُ الْحَرَكَةِ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْبَلَهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَتْ الْأَجْسَامُ الَّتِي تَقْبَلُ الْحَرَكَةَ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ أَكْمَلَ مِنْهُ؛ وَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ مَا يَتَحَرَّكُ أَكْمَلَ مِنْهُ؛ فَإِنَّ الْحَرَكَةَ كَمَالٌ لِلْمُتَحَرِّكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَحَرَّكَ بِنَفْسِهِ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّكُ وَمَا يَقْبَلُ الْحَرَكَةَ أَكْمَلُ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُهَا.
والْنُّفَاةِ عُمْدَتُهُمْ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الْحَرَكَةَ لَمْ يَخْلُ مِنْهَا وَيَلْزَمُ وُجُودُ حَوَادِثَ لَا تَتَنَاهَى؛ ثُمَّ ادَّعَوْا نَفْيَ ذَلِكَ وَفِي نَفْيِهِ نَقَائِصُ لَا تَتَنَاهَى وَالْمُثْبِتُونَ لِذَلِكَ يَقُولُونَ: هَذَا هُوَ الْكَمَالُ؛ كَمَا قَالَ السَّلَفُ: لَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ كَمَا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا؛ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَيُّ هُوَ الْفَعَّالُ وَمَا لَيْسَ بِفَعَّالِ فَلَيْسَ بِحَيِّ. وَقَدْ عُرِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute