وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الْجِزْيَةِ " و " الدِّيَةِ " فَإِنَّهَا فِعْلَةٌ مِنْ جَزَى يَجْزِي إذَا قَضَى وَأَدَّى وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَجْزِي عَنْك وَلَا تَجْزِي عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك} وَهِيَ فِي الْأَصْلِ جَزَى جِزْيَةً كَمَا يُقَالُ: وَعَدَ عِدَةً وَوَزَنَ زِنَةً. وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الدِّيَةِ " هُوَ مِنْ وَدَى يَدِي دِيَةً كَمَا يُقَالُ: وَعَدَ يَعِدُ عِدَةً وَالْمَفْعُولُ يُسَمَّى بَاسِمِ الْمَصْدَرِ كَثِيرًا فَيُسَمَّى الْمُؤَدَّى دِيَةً وَالْمَجْزِيَّ الْمَقْضِيَّ جِزْيَةً كَمَا يُسَمَّى الْمَوْعُودُ وَعْدًا فِي قَوْلِهِ: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {قُلْ إنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً} وَإِنَّمَا رَأَوْا مَا وَعَدُوهُ مِنْ الْعَذَابِ وَكَمَا يُسَمَّى مِثْلُ ذَلِكَ الْإِتَاوَةَ لِأَنَّهُ تُؤْتَى أَيْ: تُعْطَى. وَكَذَلِكَ لَفْظُ الضَّرِيبَةِ لِمَا يُضْرَبُ عَلَى النَّاسِ. فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ فِي اللُّغَةِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ إلَى عَادَاتِ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْعُ قَدْ حَدَّ لِبَعْضِ حَدًّا كَانَ اتِّبَاعُهُ وَاجِبًا. وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجِزْيَةِ: هَلْ هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِالشَّرْعِ أَوْ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ؟ . وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُقَدَّرَةً بِالشَّرْعِ. {وَأَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ: أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ معافريا} قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ شَرْعًا عَامًّا لِكُلِّ مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَالَحَ لِأَهْلِ الْبَحْرَيْنِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute