للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ " الْمَقْصُودُ هُنَا " قَوْلُهُ: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} فَإِنَّ مَا فَعَلُوهُ مِنْ الْأَذَى هُوَ مِمَّا حُكِمَ بِهِ عَلَيْك قَدَرًا فَاصْبِرْ لِحُكْمِهِ وَإِنْ كَانُوا ظَالِمِينَ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الصَّبْرُ أَعْظَمُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى مَا جَرَى وَفُعِلَ بِالْأَنْبِيَاءِ وَقَوْلُهُ: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} وَقَالَ: {وَذَا النُّونِ إذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ} وَسَوَاءٌ كَانَ مُغَاضِبًا لِقَوْمِهِ أَوْ لِرَبِّهِ فَكَانَتْ مُغَاضَبَتُهُ مِنْ أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيْهِ وَبِصَبْرِهِ صَبَرَ لِحُكْمِ رَبِّهِ الَّذِي قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا تَأَذَّى مِنْ تَكْذِيبِ النَّاسِ لَهُ. وَقَالَتْ الرُّسُلُ لِقَوْمِهِمْ: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} وَقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ لَمَّا قَالَ فِرْعَوْنُ: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} وَقَالَ: {فَاصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} {الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} فَهَؤُلَاءِ ظُلِمُوا فَصَبَرُوا عَلَى ظُلْمِ الظَّالِمِ لَهُمْ وَسَبَبُ نُزُولِهَا الْمُهَاجِرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ.