صَلَّى عَلَيَّ نَائِيًا سَمِعْته} وَإِنَّمَا لَفْظُهُ {بُلِّغْته} وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مُسْنَدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَهُوَ نَقْلٌ مِنْهُ. وَمَنْ يَحْتَجُّ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ وَيُعْرِضُ عَنْ أَحَادِيثِ أَهْلِ السُّنَنِ الْحِسَانِ فَهُوَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ. وَإِذَا كَانَ قَدْ حَرَّفَ لَفْظَهُ فَهُوَ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْمَلَاحِدَةِ فِي قَوْلِهِ: {أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ قَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ} الْحَدِيثُ فَهُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ. وَمَعَ هَذَا فَحَرَّفُوا لَفْظَهُ فَقَالُوا: أَوَّلُ بِالضَّمِّ وَلَفْظُهُ {أَوَّلَ مَا خَلَقَ} بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِ كَمَا رُوِيَ " لَمَّا خَلَقَ ". وَمِنْهَا أَنَّهُ احْتَجَّ بِإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى زِيَارَةِ قَبْرِهِ؛ وَظَنَّ أَنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَمَّا أُجْمِعَ عَلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ السَّفَرَ إلَى مَسْجِدِهِ طَاعَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَا تَضَمَّنَهُ مِمَّا يُسَمَّى بِزِيَارَةِ لِقَبْرِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُسْتَحَبَّةِ: مِثْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ بِالْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهَا وَالشَّهَادَةِ لَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمُوَالَاتِهِ وَتَعْزِيرِهِ وَتَوْقِيرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الزِّيَارَةِ: فَهَذَا كُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ. وَالْمُجِيبُ يُصَرِّحُ بِاسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُسَمَّى هَذَا زِيَارَةً؟ وَذَكَرَ تَنَازُعَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِجْمَاعَهُمْ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. فَذَكَرَ جَوَازَ مَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ السَّفَرِ إلَى مَسْجِدِهِ وَزِيَارَةِ قَبْرِهِ وَذَكَرَ بَعْضَ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute