تُنُوزِعَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا ظَنَّ أَنَّ السَّفَرَ إلَى زِيَارَةِ نَبِيِّنَا كَالسَّفَرِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ مَسْجِدَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ وَالسَّفَرَ إلَيْهِ مَشْرُوعٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ زِيَارَتَهُ كَمَا يُزَارُ غَيْرُهُ مُمْتَنِعَةٌ وَإِنَّمَا يَصِلُ الْإِنْسَانُ إلَى مَسْجِدِهِ وَفِيهِ يَفْعَلُ مَا شُرِعَ لَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْرُ نَبِيِّنَا يُزَارُ كَمَا تُزَارُ الْقُبُورُ لَكَانَ أَهْلُ مَدِينَتِهِ أَحَقَّ النَّاسِ بِذَلِكَ كَمَا أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَدِينَةٍ أَحَقُّ بِزِيَارَةِ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنْ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا اتَّفَقَ السَّلَفُ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ مَدِينَتِهِ لَا يَزُورُونَ قَبْرَهُ بَلْ وَلَا يَقِفُونَ عِنْدَهُ لِلسَّلَامِ إذَا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ وَخَرَجُوا. وَإِنْ لَمْ يُسَمَّى هَذَا زِيَارَةً بَلْ يُكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ السَّفَرِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ صَدْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَفْعَلُونَهُ: عُلِمَ أَنَّ مَنْ جَعَلَ زِيَارَةَ قَبْرِهِ مَشْرُوعَةً كَزِيَارَةِ قَبْرِ غَيْرِهِ فَقَدْ خَالَفَ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ نَهَى أَنْ يُتَّخَذَ قَبْرُهُ عِيدًا وَأَمَرَ الْأُمَّةَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَتُسَلِّمَ حَيْثُ مَا كَانَتْ وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يَبْلُغُهُ. فَلَمْ يَكُنْ تَخْصِيصُ الْبُقْعَةِ بِالدُّعَاءِ لَهُ مَشْرُوعًا؛ بَلْ يُدْعَى لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَمَاكِنِ وَعِنْدَ كُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute