للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمُعْتَرِضُ وَأَمْثَالُهُ جَعَلُوا السَّفَرَ إلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ نَوْعًا. ثُمَّ لَمَّا رَأَوْا مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ قَبْرِ نَبِيِّنَا ظَنُّوا أَنَّ سَائِرَ الْقُبُورِ يُسَافَرُ إلَيْهَا كَمَا يُسَافَرُ إلَيْهِ. فَضَلُّوا مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ السَّفَرَ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ سَفَرٌ إلَى مَسْجِدِهِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ.

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا السَّفَرَ هُوَ لِلْمَسْجِدِ فِي حَيَاةِ الرَّسُولِ وَبَعْدَ دَفْنِهِ وَقَبْلَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ وَبَعْدَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ فِيهِ. فَهُوَ سَفَرٌ إلَى الْمَسَاجِدِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَبْرُ هُنَاكَ أَوْ لَمْ يَكُنْ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ بِهِ السَّفَرُ إلَى قَبْرٍ مُجَرَّدٍ.

الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَكْرَهُ أَنْ يُسَمِّيَ هَذَا زِيَارَةً لِقَبْرِهِ.

وَاَلَّذِينَ لَمْ يَكْرَهُوهُ يُسَلِّمُونَ لِأُولَئِكَ الْحُكْمَ؛ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الِاسْمِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ زِيَارَةٌ لِقَبْرِهِ بِلَا نِزَاعٍ. فَلِلْمَانِعِ أَنْ يَقُولَ: لَا أُسَلِّمُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُسَافَرَ إلَى زِيَارَةِ قَبْرِهِ أَصْلًا وَكُلُّ مَا سُمِّيَ زِيَارَةَ قَبْرٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَافَرُ إلَيْهِ وَالسَّفَرُ إلَى مَسْجِدِ نَبِيِّنَا لَيْسَ سَفَرًا إلَى زِيَارَةِ قَبْرِهِ بَلْ هُوَ سَفَرٌ لِعِبَادَةِ فِي مَسْجِدِهِ. الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا السَّفَرَ مُسْتَحَبٌّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالسَّفَرَ إلَى قُبُورِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ لَيْسَ مُسْتَحَبًّا لَا بِنَصِّ وَلَا إجْمَاعٍ؛ بَلْ