وَغَايَةُ مَا يُصِيبُ الْقَصَّابَ أَنَّ الدَّمَ يُصِيبُهُ أَحْيَانًا فَاَلَّذِي يُمَاسُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمٌ لَا يَضُرُّهُ وَلَوْ أَصَابَهُ دَمٌ يَسِيرٌ لَعُفِيَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ الْيَسِيرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَنَجَاسَةُ الْقَصَّابِ لَيْسَتْ مِنْ نَجَاسَةِ الدَّسَمِ فَإِنَّ الدَّسَمَ طَاهِرٌ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ وَيَسِيرُ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَغَسْلُ يَدِهِ مِنْ مُصَافَحَةِ الْقَصَّابِ أَوْ الطَّوَّافِ وَسْوَسَةٌ وَتَنَطُّعٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَوَضَّأَ مِنْ جَرَّةِ امْرَأَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ وَقَدْ {كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ زَبِيبَةَ الْحَسَنِ وَقَدْ صَلَّى وَهُوَ حَامِلٌ أمامة ابْنَةَ ابْنَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا} وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْآثَارِ يُبَيِّنُ سِعَةَ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ.
فَصْلٌ:
أَكْلُ الشَّوَى والشريح جَائِزٌ سَوَاءٌ غَسَلَ اللَّحْمَ أَوْ لَمْ يَغْسِلْ؛ بَلْ غَسْلُ لَحْمِ الذَّبِيحَةِ بِدْعَةٌ فَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُونَ اللَّحْمَ فَيَطْبُخُونَهُ وَيَأْكُلُونَهُ بِغَيْرِ غَسْلِهِ وَكَانُوا يَرَوْنَ الدَّمَ فِي الْقِدْرِ خُطُوطًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ أَيْ الْمَصْبُوبَ الْمِهْرَاقَ فَأَمَّا مَا يَبْقَى فِي الْعُرُوقِ فَلَمْ يُحَرِّمْهُ. وَلَكِنْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتْبَعُوا الْعُرُوقَ كَمَا تَفْعَلُ الْيَهُودُ الَّذِينَ بِظُلْمِ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute