للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا. وَسِكِّينُ الْقَصَّابِ يَذْبَحُ بِهَا وَيَسْلَخُ. فَلَا تَحْتَاجُ إلَى غَسْلٍ. فَإِنَّ غَسْلَ السَّكَاكِينِ الَّتِي يُذْبَحُ بِهَا بِدْعَةٌ وَكَذَلِكَ غَسْلُ السُّيُوفِ. وَإِنَّمَا كَانَ السَّلَفُ يَمْسَحُونَ ذَلِكَ مَسْحًا؛ وَلِهَذَا جَازَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَجْسَامِ الصَّقِيلَةِ كَالسَّيْفِ وَالْمِرْآةِ إذَا أَصَابَهَا نَجَاسَةٌ أَنْ تُمْسَحَ وَلَا تُغْسَلَ وَهَذَا فِيمَا لَا يُعْفَى عَنْهُ. فَأَمَّا مَا تَعَيَّنَ عَدَمُ نَجَسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى غَسْلٍ وَلَا مَسْحٍ وَالْيَسِيرُ يُعْفَى عَنْهُ. وَمَا عُفِيَ عَنْهُ فَالْحَمْلُ وَالْمَشْيُ. بِلَا رَيْبٍ؛ فَإِنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَكْلُهُ جَازَ مُبَاشَرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَتْ مُبَاشَرَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا جَازَ أَكْلُهُ كَالسُّمُومِ الْمُضِرَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَكْلُهَا وَلَوْ بَاشَرَهَا وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً تَجُوزُ مُبَاشَرَتُهَا فِي الصَّلَاةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْنَا الْخَبَائِثَ وَأَبَاحَ لَنَا الطَّيِّبَاتِ وَالْخَبِيثُ يَضُرُّ وَالطَّيِّبُ يَنْفَعُ وَمَا ضَرَّ فِي مُبَاشَرَةِ الظَّاهِرِ كَانَتْ مَضَرَّتُهُ بِمُمَازَجَةِ الْأَبْدَانِ إذَا أَكَلَ أَقْوَى وَأَقْوَى وَلَيْسَ كُلُّ مَا ضَرَّ بِالْمُمَازَجَةِ وَالْمُخَالَطَةِ يَضُرُّ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْمُلَامَسَةِ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الْحَمْلِ كَدَمِ الْجُرْحِ وَالدَّمَامِيلِ وَمَا يَعْلَقُ بِالسِّكِّينِ مِنْ دَمِ الشَّاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ مَائِعٍ فَقِيلَ إنَّهُ يُنَجِّسُهُ وَإِنَّمَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الْمَائِعَاتِ. كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ وَقَدْ كَانَ