نَفْسُهُ مُشْتَغِلَةً بِهَا. وَاَلَّذِينَ يَسْلُكُونَ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ مَسْلَكًا نَاقِصًا يَحْصُلُ لِأَحَدِهِمْ نَوْعٌ مِنْ ذَلِكَ يُسَمَّى " الِاصْطِلَامُ " وَ " الْفَنَاءُ " يَغِيبُ بِمَحْبُوبِهِ عَنْ مَحَبَّتِهِ وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى لَا يَشْعُرَ بِشَيْءِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. وَ " مِنْهُمْ " مِنْ قَدْ يَنْتَقِلُ مِنْ هَذَا إلَى " الِاتِّحَادِ ". فَيَقُولُ: أَنَا هُوَ وَهُوَ أَنَا وَأَنَا اللَّهُ وَيَظُنُّ كَثِيرٌ مِنْ السَّالِكِينَ أَنَّ هَذَا هُوَ غَايَةُ السَّالِكِينَ وَأَنَّ هَذَا هُوَ " التَّوْحِيدُ " الَّذِي هُوَ نِهَايَةُ كُلِّ سَالِكٍ. وَهُمْ غالطون فِي هَذَا؛ بَلْ هَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ النَّصَارَى وَلَكِنْ ضَلُّوا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَسْلُكُوا الطَّرِيقَ الشَّرْعِيَّةَ فِي الْبَاطِنِ فِي خَبَرِ اللَّهِ وَأَمْرِهِ. وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الْمُتَّبِعِينَ لِشَهَوَاتِهِمْ مِنْ الصُّوَرِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَاللِّبَاسِ يَسْتَوْلِي عَلَى قَلْبِ أَحَدِهِمْ مَا يَشْتَهِيهِ حَتَّى يَقْهَرَهُ وَيَمْلِكَهُ وَيَبْقَى أَسِيرًا، مَا يَهْوَاهُ يَصْرِفُهُ كَيْفَ تَصَرَّفَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: مَا أَنَا عَلَى الشَّابِّ النَّاسِكِ بِأَخْوَفَ مِنِّي عَلَيْهِ مِنْ سَبُعٍ ضَارٍ يَثِبُ عَلَيْهِ مِنْ صَبِيٍّ حَدَثٍ يَجْلِسُ إلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute