فَلِلنَّاسِ هُنَا قَوْلَانِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْخَاصُّ دَخَلَ فِي الْعَامِّ وَخُصَّ بِالذِّكْرِ فَقَدْ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: تَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَامِّ وَقَدْ يَعْطِفُ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} وَقَوْلِهِ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ} الْآيَةَ وَقَدْ يَعْطِفُ الْعَامَّ عَلَى الْخَاصِّ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُووهَا} . وَأَصْلُ الشُّبْهَةِ فِي الْإِيمَانِ أَنَّ الْقَائِلِينَ: أَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ قَالُوا: إنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُرَكَّبَةَ مِنْ أُمُورٍ مَتَى ذَهَبَ بَعْضُ أَجْزَائِهَا انْتَفَتْ تِلْكَ الْحَقِيقَةُ كَالْعَشَرَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ آحَادٍ فَلَوْ قُلْنَا: إنَّهُ يَتَبَعَّضُ لَزِمَ زَوَالُ بَعْضِ الْحَقِيقَةِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِهَا فَيُقَالُ لَهُمْ.: إذَا زَالَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْمُرَكَّبِ تَزُولُ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالتَّرْكِيبِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَزُولَ سَائِرُ الْأَجْزَاءِ وَالْإِيمَانُ الْمُؤَلَّفُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَالْأَعْمَالِ الْوَاجِبَةِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْوَاجِبُ الْكَامِلُ وَهَذِهِ الْهَيْئَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ تَزُولُ بِزَوَالِ بَعْضِ الْأَجْزَاءِ وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفِيَّةُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {لَا يَزْنِي الزَّانِي} إلَخْ وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} الْآيَاتِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَزُولَ سَائِرُ الْأَجْزَاءِ؛ وَلَا أَنَّ سَائِرَ الْأَجْزَاءِ الْبَاقِيَةِ لَا تَكُونُ مِنْ الْإِيمَانِ بَعْدَ زَوَالِ بَعْضِهِ. كَمَا أَنَّ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ مِنْ الْحَجِّ الْوَاجِبِ الْكَامِلِ وَإِذَا زَالَتْ زَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute