مِنْ قُوَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يَقْطَعَ بِهِ مَنْ ظَهَرَ لَهُ مُدْرَكُهُ. وَوَضْعُ الْجَوَائِحِ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَبِالْعَمَلِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ فِيهِ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَبِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْمُقَرَّرَةِ؛ بَلْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ الصَّحِيحِ لَيْسَ فِي الْعُلَمَاءِ مَنْ يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى التَّحْقِيقِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ بِهِ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى زَمَنِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ عُلَمَائِهِمْ: كَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي وَمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: كَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ. وَأَمَّا فِي الْقَوْلِ الْجَدِيدِ فَإِنَّهُ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى ثُبُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ أَعُدَّهُ وَلَوْ كُنْت قَائِلًا بِوَضْعِهَا لَوَضَعْتهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ صِحَّتَهُ. وَعَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ عَلَى ثُبُوتِهِ فَقَالَ: لَوْ ثَبَتَ لَمْ أَعُدَّهُ. وَالْحَدِيثُ ثَابِتٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَمْ يَقْدَحْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ؛ بَلْ صَحَّحُوهُ وَرَوَوْهُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَه وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ. فَظَهَرَ وُجُوبُ الْقَوْلِ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute