شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ: فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ مَنْ يَعْبُدُهُ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا. وَبَيْنَ مَنْ يَعْبُدُ مَعَهُ آلِهَةً أُخْرَى. وَجَعَلُوا الْأَمْرَ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَةِ. لَيْسَ مَعَهَا حِكْمَةٌ وَلَا رَحْمَةٌ وَلَا عَدْلٌ. وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ: طَمِعَتْ النَّفْسُ فِي نَيْلِ مَا تُرِيدُهُ بِدُونِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. ثُمَّ إذَا جَوَّزُوا الْكَرَامَاتِ لِكُلِّ مَنْ زَعَمَ الصَّلَاحَ وَلَمْ يُقَيِّدُوا الصَّلَاحَ بِالْعِلْمِ الصَّحِيحِ وَالْإِيمَانِ الصَّادِقِ وَالتَّقْوَى بَلْ جَعَلُوا عَلَامَةَ الصَّلَاحِ هَذِهِ الْخَوَارِقَ. وَجَوَّزُوا الْخَوَارِقَ مُطْلَقًا. وَحَكَوْا فِي ذَلِكَ مُكَاشَفَاتٍ وَقَالُوا أَقْوَالًا مُنْكَرَةً. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْوَلِيَّ يُعْطَى قَوْلَ " كُنْ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى الْوَلِيِّ فِعْلُ مُمْكِنٍ. كَمَا لَا يَمْتَنِعُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِعْلُ مُحَالٍ. وَهَذَا قَالَهُ ابْنُ عَرَبِيٍّ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ. قَالُوا: إنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُقَالُ: إنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ لِلْوَلِيِّ حَتَّى وَلَا الْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ. وَزَادَ ابْنُ عَرَبِيٍّ: أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَعْزُبُ عَنْ قُدْرَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمُمْكِنَاتِ. وَاَلَّذِي لَا يَعْزُبُ عَنْ قُدْرَتِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمُمْكِنَاتِ: هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ. فَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ: بِأَنَّ الْوَلِيَّ مِثْلُ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute