للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ أَشْيَاءَ أَتَرَخَّصُ فِيهَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِاَللَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ} وَفِي رِوَايَةٍ {وَاَللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِحُدُودِهِ} فَجَعَلَ الْعِلْمَ بِهِ هُوَ الْعِلْمَ بِحُدُودِهِ. وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ التَّابِعِينَ فِي صِفَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ اللَّهُ فِي صَدْرِي لَعَظِيمًا وَإِنْ كُنْت بِذَاتِ اللَّهِ لَعَلِيمًا أَرَادَ بِذَلِكَ أَحْكَامَ اللَّهِ، فَإِنَّ لَفْظَ الذَّاتِ فِي لُغَتِهِمْ لَمْ يَكُنْ كَلَفْظِ الذَّاتِ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ يُرَادُ بِهِ مَا يُضَافُ إلَى اللَّهِ كَمَا قَالَ خبيب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: {لَمْ يَكْذِبْ إبْرَاهِيمُ إلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ كُلُّهَا فِي ذَاتِ اللَّهِ} . وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} {وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَإِنَّ ذَاتَ تَأْنِيثُ (ذُو) وَهُوَ يُسْتَعْمَلُ مُضَافًا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْوَصْفِ بِالْأَجْنَاسِ فَإِذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ مُذَكَّرًا قِيلَ ذُو كَذَا؛ وَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا قِيلَ ذَاتُ كَذَا كَمَا يُقَالُ ذَاتُ سِوَارٍ. فَإِنْ قِيلَ أُصِيبَ فُلَانٌ فِي ذَاتِ اللَّهِ فَالْمَعْنَى فِي جِهَتِهِ وَوُجْهَتِهِ: أَيْ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَأَحَبَّهُ؛ وَلِأَجْلِهِ. ثُمَّ إنَّ الصِّفَاتِ لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَى النَّفْسِ فَيُقَالُ فِي النَّفْسِ أَيْضًا إنَّهَا ذَاتُ عِلْمٍ وَقُدْرَةٍ وَكَلَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَذَفُوا الْإِضَافَةَ وَعَرَّفُوهَا فَقَالُوا: الذَّاتُ الْمَوْصُوفَةُ