الْحَدِيثِ عَلَى تَصْحِيحِ حَدِيثٍ لَمْ يَكُنْ إلَّا صِدْقًا، وَلِكُلِّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَطْلُوبِهِمْ بِالْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ مَا يُعْرَفُ بِهِ مَنْ هُوَ بِهَذَا الْأَمْرِ حَفِيٌّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يُلْهِمُهُمْ الصَّوَابَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدَّلَائِلُ الشَّرْعِيَّةُ، وَكَمَا عُرِفَ ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ الْوُجُودِيَّةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الْإِيمَانَ، وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحِ مِنْهُ، لَمَّا صَدَقُوا فِي مُوَالَاةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَمُعَادَاةِ مَنْ عَدَلَ عَنْهُ. قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} .
وَأَهْلُ الْعِلْمِ الْمَأْثُورِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ النَّاسِ قِيَامًا بِهَذِهِ الْأُصُولِ، لَا تَأْخُذُ أَحَدَهُمْ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَلَا يَصُدُّهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الْعَظَائِمُ؛ بَلْ يَتَكَلَّمُ أَحَدُهُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيَتَكَلَّمُ فِي أَحَبِّ النَّاسِ إلَيْهِ، عَمَلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} وقَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} . وَلَهُمْ مِنْ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ، وَالتَّضْعِيفِ وَالتَّصْحِيحِ مِنْ السَّعْيِ الْمَشْكُورِ وَالْعَمَلِ الْمَبْرُورِ مَا كَانَ مِنْ أَسْبَابِ حِفْظِ الدِّينِ، وَصِيَانَتِهِ عَنْ إحْدَاثِ الْمُفْتَرِينَ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى دَرَجَاتٍ، مِنْهُمْ الْمُقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ النَّقْلِ وَالرِّوَايَةِ، وَمِنْهُمْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَالدِّرَايَةِ، وَمِنْهُمْ أَهْلُ الْفِقْهِ فِيهِ وَالْمَعْرِفَةِ بِمَعَانِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute