الْقَضِيَّةِ كَذِبُ نَقْضِهَا وَصِدْقُ عَكْسِهَا الْمُسْتَوِي وَعَكْسُ نَقِيضِهَا فَإِذَا صَدَقَ قَوْلُنَا: لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْحُجَّاجِ بِكَافِرِ صَحَّ قَوْلُنَا لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْكُفَّارِ بِحَاجِّ. فَنَقُولُ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ: إمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَطْوِيلًا يُبْعِدُ الطَّرِيقَ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ. فَلَا يَخْلُو عَنْ خَطَأٍ يَصُدُّ عَنْ الْحَقِّ أَوْ طَرِيقٍ طَوِيلٍ يُتْعِبُ صَاحِبَهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْحَقِّ مَعَ إمْكَانِ وُصُولِهِ بِطَرِيقِ قَرِيبٍ كَمَا كَانَ يُمَثِّلُهُ بَعْضُ سَلَفِنَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ قِيلَ لَهُ: أَيْنَ أُذُنُك فَرَفَعَ [يَدَهُ رَفْعًا] (*) شَدِيدًا ثُمَّ أَدَارَهَا إلَى أُذُنِهِ الْيُسْرَى وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْإِشَارَةُ إلَى الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى مِنْ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ. وَمَا أَحْسَنَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ كِتَابَهُ بِقَوْلِهِ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} فَأَقْوَمُ الطَّرِيقِ إلَى أَشْرَفِ الْمَطَالِبِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَأَمَّا طَرِيقُ هَؤُلَاءِ فَهِيَ مَعَ ضَلَالِهِمْ فِي الْبَعْضِ وَاعْوِجَاجِ طَرِيقِهِمْ وَطُولِهَا فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ إنَّمَا تُوصِلُهُمْ إلَى أَمْرٍ لَا يُنْجِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُوجِبَ لَهُمْ السَّعَادَةَ فَضْلًا عَنْ حُصُولِ الْكَمَالِ لِلْأَنْفُسِ الْبَشَرِيَّةِ بِطَرِيقِهِمْ. بَيَانُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ حَصْرِ الدَّلِيلِ فِي الْقِيَاسِ وَالِاسْتِقْرَاءِ وَالتَّمْثِيلِ حَصْرٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ. فَقَوْلُهُمْ أَيْضًا: إنَّ الْعِلْمَ الْمَطْلُوبَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُقَدِّمَتَيْنِ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ. وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى الْحَصْرِ بِقَوْلِهِمْ: إمَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِالْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ أَوْ بِالْجُزْئِيِّ عَلَى الْكُلِّ
(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٥٩): لعله: يده اليمنى رفعا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute