للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُهُمَا: الدِّينُ الْمُشْتَرَكُ وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الَّذِي بُعِثَ بِهِ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ؛ كَمَا دَلَّ عَلَى اتِّحَادِ دِينِهِمْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَالثَّانِي مَا اخْتَصَّ بِهِ مُحَمَّدٌ مِنْ الدِّينِ وَالشِّرْعَةِ وَالْمِنْهَاجِ - وَهُوَ الشَّرِيعَةُ وَالطَّرِيقَةُ وَالْحَقِيقَةُ - وَلَهُ مَرْتَبَتَانِ:

أَحَدُهُمَا الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَهِيَ الْمَبَانِي الْخَمْسُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ مُطَابِقًا لِلْبَاطِنِ. فَبِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ جَاءَتْ الْآيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَالْحَدِيثَانِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِيمَانِ فَكُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا. وَبِالتَّفْسِيرِ الثَّانِي يُقَالُ: {إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} وَقَوْلُهُ: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وَقَوْلُهُ: آمُرُكُمْ بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَفَسَّرَهُ بِخِصَالِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ فَالْإِيمَانُ التَّامُّ وَالدِّينُ وَالْإِسْلَامُ سَوَاءٌ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَفْهَمْ الْمُعْتَزِلَةُ غَيْرَهُ. وَقَدْ يُرَادُ بِهِ مَعْنًى ثَالِثٌ هُوَ كَمَالِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: {الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ} فَيَكُونُ أَسْلَمَ غَيْرَهُ أَيْ جَعَلَهُ سَالِمًا مِنْهُ. وَلَفْظُ الْإِيمَانِ: قِيلَ أَصْلُهُ التَّصْدِيقُ - وَلَيْسَ مُطَابِقًا لَهُ؛ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَصْدِيقًا عَنْ غَيْبٍ وَإِلَّا فَالْخَبَرُ عَنْ مَشْهُودٍ لَيْسَ تَصْدِيقُهُ إيمَانًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْنِ الَّذِي هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُخْبِرِ الَّذِي قَدْ يَقَعُ فِيهِ رَيْبٌ وَالْمَشْهُودَاتُ لَا رَيْبَ فِيهَا. إلَّا عَلَى هَذَا - فَأَمَّا تَصْدِيقُ الْقَلْبِ فَقَطْ كَمَا تَقُولُ