وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِذَوِي طَبَقَتِهِ. فَجَعَلَ الِانْتِقَالَ إلَيْهِمْ مَشْرُوطًا بِمَوْتِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. وَهَذَا الشَّرْطُ - كَمَا أَنَّهُ قَدْ نَفَى بِهِ الِانْقِطَاعَ فَقَدْ قَيَّدَ بِهِ الِانْتِقَالَ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ وَاللَّفْظُ دَالٌّ عَلَيْهِمَا دَلَالَةً صَرِيحَةً فَإِفَادَتُهُ لِإِحْدَاهُمَا لَا تَنْفِي إفَادَتَهُ لِلْأُخْرَى كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الثَّلَاثَةِ ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ صُرِفَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ. فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَصْرِفَ نَصِيبَهُ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ إذَا مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ. هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْ مَوْتِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ. وَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ لِأَنَّ اللَّفْظَ اقْتَضَى جَعْلَهُ لِلثَّلَاثَةِ؛ ثُمَّ لِلْمَسَاكِينِ فَحَيْثُ لَمْ يَصْرِفْ إلَى الثَّلَاثَةِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ لِحَصْرِ الْوَاقِفِ الْوَقْفَ فِيهَا مَعَ أَنَّ بَحْثَ مَسْأَلَتِنَا أَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ بَلْ لَوْ فُرِضَ أَنَّ قَائِلًا قَدْ قَالَ: إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يَكُونُ مُنْقَطِعًا وَإِذَا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ: لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: هَذَا الشَّرْطُ لِنَفْيِ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ دَالٌّ عَلَى التَّقْيِيدِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى طَبَقَتِهِ وَعَلَى عَدَمِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ مَعَ الْوَلَدِ. فَالدَّلَالَةُ الْأُولَى تَنْفِي الِانْقِطَاعَ وَالدَّلَالَةُ الثَّانِيَةُ تُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute