وَفَلَاحُهُمْ؛ وَقَبُحَتْ لِإِفْضَائِهَا إلَى مَا فِيهِ فَسَادُهُمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَعَالٍ عَنْ أَنْ يَلْحَقَهُ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ مُؤَثِّرٌ فِي وُجُودِ الْفِعْلِ أَوْ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ؟ فَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) أَنَّ هَذَا سُؤَالٌ فَاسِدٌ إنْ أُخِذَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ هُوَ نَفْسُ فِعْلِهِ وَصُنْعِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ: هَلْ يُؤَثِّرُ كَسْبُهُ فِي فِعْلِهِ أَوْ هَلْ يَكُونُ الشَّيْءُ مُؤَثِّرًا فِي نَفْسِهِ؟ وَإِنْ حَسِبَ حَاسِبٌ أَنَّ الْكَسْبَ هُوَ التَّعَاطِي وَالْمُبَاشَرَةُ وَقَصْدُ الشَّيْءِ وَمُحَاوَلَتُهُ فَهَذِهِ كُلُّهَا أَفْعَالٌ يُقَالُ فِيهَا مَا يُقَالُ فِي أَفْعَالِ الْبَدَنِ مِنْ قِيَامٍ وَقُعُودٍ. وَأَظُنُّ السَّائِلَ فَهِمَ هَذَا وَتَشَبَّثَ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ يَحْصُلُ بِخَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَسْبِ الْعَبْدِ. وَتَحْقِيقُ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ: فِعْلُ الْعَبْدِ خُلِقَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَكَسْبٌ لِلْعَبْدِ؛ إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ أَفْعَالَ بَدَنِهِ تَحْصُلُ بِكَسْبِهِ: أَيْ بِقَصْدِهِ وَتَأَخِّيهِ. وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَفْعَالُهُ الظَّاهِرَةُ تَحْصُلُ بِأَفْعَالِهِ الْبَاطِنَةِ؛ وَغَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ عَدَمُ تَجْدِيدِ هَذَا السُّؤَالِ فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ أَقْدَامٍ وَمَضَلَّةُ أَفْهَامٍ. وَحُسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ. إذَا كَانَ السَّائِلُ قَدْ تَصَوَّرَ السُّؤَالَ. وَإِنَّمَا يُطْلَبُ إثْبَاتُ الشَّيْءِ أَوْ نَفْيُهُ وَلَوْ حَصَلَ التَّصَوُّرُ التَّامُّ لِعِلْمِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute