للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعَتَا لَهُ صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامًا لِأَرْبَعِ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ} . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَفِيهِ الْأَمْرُ بِسَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَقَوْلُهُ: " إذَا شَكَّ " هُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافِ فَهْمِ النَّاسِ. مِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَقْطَعْ فَهُوَ شَاكٍّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ رَاجِحًا عِنْدَهُ فَجَعَلُوا مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَإِنْ وَافَقَهُ الْمَأْمُومُونَ شَاكًّا وَأَمَرُوهُ أَنْ يَطْرَحَ مَا شَكَّ فِيهِ وَيَبْنِيَ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ وَقَالُوا الْأَصْلُ عَدَمُ مَا شَكَّ فِيهِ فَرَجَّحُوا اسْتِصْحَابَ الْحَالِ مُطْلَقًا وَإِنْ قَامَتْ الشَّوَاهِدُ وَالدَّلَائِلُ بِخِلَافِهِ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا التَّحَرِّيَ بِحَالِ. وَمِنْهُمْ: مَنْ فَسَّرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ " فَلْيَتَحَرَّ " أَنَّهُ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ. وَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَالُوا: إنْ كَانَ إمَامًا فَالْمُرَادُ بِهِ الشَّكُّ الْمُتَسَاوِي وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَالَهُ أُولَئِكَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: بَلْ الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا اسْتَوَى فِيهِ الطَّرَفَانِ أَوْ تَقَارَبَا وَأَمَّا إذَا تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالرَّاجِحِ وَهُوَ التَّحَرِّي وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَد ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ كَالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. وَالْأَوَّلُ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَاخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد.