وَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ لَا تَشْتَرِكُ فِي شَيْءٍ مَوْجُودٍ فِيهَا أَصْلًا؛ بَلْ كُلُّ مَوْجُودٍ مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ وَبِمَا لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَأَنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ حَيٌّ مُتَكَلِّمٌ أَوْ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ لَمْ يَكُنْ مَا لَهُ مِنْ الْحَيَوَانِيَّةِ أَوْ الناطقية أَوْ النُّطْقِ وَالْحَيَاةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بَلْ لَهُ مَا يَخُصُّهُ وَلِغَيْرِهِ مَا يَخُصُّهُ وَلَكِنْ تَشَابَهَا وَتَمَاثَلَا بِحَسَبِ تَشَابُهِ حيوانيتهما وَنُطْقِيَّتِهِمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهِمَا. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبٌ مِمَّا بِهِ الِاشْتِرَاكُ: وَهُوَ الْحَيَوَانِيَّةُ وَمَا بِهِ مِنْ الِامْتِيَازِ: وَهُوَ النُّطْقُ؛ فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا تَرْكِيبٌ ذِهْنِيٌّ - فَإِنَّا إذَا تَصَوَّرْنَا فِي أَذْهَانِنَا حَيَوَانًا نَاطِقًا؛ كَانَ الْحَيَوَانُ جُزْءَ هَذَا الْمَعْنَى الذِّهْنِيِّ وَالنُّطْقُ جُزْأَهُ الْآخَرَ وَكَانَ الْحَيَوَانُ جُزْءًا لَهُ أَشْبَاهٌ أَكْثَرُ مِنْ أَشْبَاهِ النَّاطِقِ. وَإِذَا تَصَوَّرْنَا مُسَمَّى حَيَوَانٍ وَمُسَمَّى نَاطِقٍ؛ كَانَ مُسَمَّى الْحَيَوَانِ يَعُمُّ الْإِنْسَانَ وَغَيْرَهُ وَكَانَ مُسَمَّى النَّاطِقِ يَخُصُّهُ - فَدَعْوَى التَّرْكِيبِ فِي هَذِهِ الْمَعَانِي الذِّهْنِيَّةِ صَحِيحٌ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا ضَابِطًا. بَلْ هُوَ بِحَسَبِ مَا يَتَصَوَّرُهُ الْإِنْسَانُ سَوَاءٌ كَانَ تَصَوُّرُهُ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا. وَمَتَى أُرِيدَ بِجُزْءِ الْمَاهِيَّةِ الدَّاخِلِ فِيهَا مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا التَّصَوُّرِ وَبِجُزْئِهَا الْخَارِجِ عَنْهَا اللَّازِمِ لِوُجُودِهَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظُ بِالتَّضَمُّنِ وَالِالْتِزَامِ وَأَرَادَ بِتَمَامِ الْمَاهِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا بِالْمُطَابَقَةِ؛ فَهَذَا صَحِيحٌ لَكِنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute