وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا أَكْثَرُ النَّاسِ فَيَقُولُونَ: بَلْ هُوَ إذَا كَانَ كَافِرًا فَهُوَ عَدُوٌّ لِلَّهِ ثُمَّ إذَا آمَنَ وَاتَّقَى صَارَ وَلِيًّا لِلَّهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إلَيْهِمْ} إلَى قَوْلِهِ: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَكَذَلِكَ كَانَ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ مَكَّةَ الَّذِينَ كَانُوا يُعَادُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ آمَنَ أَكْثَرُهُمْ وَصَارُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَابْنُ كُلَّابٍ وَأَتْبَاعُهُ بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ لِذَاتِ اللَّهِ وَهِيَ الْإِرَادَةُ وَالْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَمَعْنَاهَا إرَادَةُ إثَابَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ وَهَذَا الْمَعْنَى تَابِعٌ لِعِلْمِ اللَّهِ فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمُوتُ مُؤْمِنًا لَمْ يَزَلْ وَلِيًّا لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُرِيدًا لِإِدْخَالِهِ الْجَنَّةَ وَكَذَلِكَ الْعَدَاوَةُ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: الْوِلَايَةُ وَالْعَدَاوَةُ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَرِضَاهُ وَبُغْضَهُ وَسُخْطَهُ فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَرْضَى عَنْ الْإِنْسَانِ وَيُحِبُّهُ بَعْدَ أَنْ يُؤْمِنَ وَيَعْمَلَ صَالِحًا؛ وَإِنَّمَا يَسْخَطُ عَلَيْهِ وَيَغْضَبُ بَعْدَ أَنْ يَكْفُرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ} فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَعْمَالَ أَسْخَطَتْهُ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَغْضَبُونَا وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْت عَلَيْهِ؛ وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ؛ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعَهُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute