للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقِيقِيًّا فِي الْحَالِ وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ شَرْطًا فِي اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ والكَرَّامِيَة وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي إسْحَاقَ الإسفراييني وَكَلَامُ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَالَ: وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَبِي الْمَعَالِي؛ فَإِنَّهُ قَالَ: الْإِيمَانُ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ قَطْعًا لَا شَكَّ فِيهِ وَلَكِنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي هُوَ عَلَمُ الْفَوْزِ وَآيَةُ النَّجَاةِ إيمَانُ الْمُوَافَاةِ. فَاعْتَنَى السَّلَفُ بِهِ وَقَرَنُوهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَلَمْ يَقْصِدُوا الشَّكَّ فِي الْإِيمَانِ النَّاجِزِ. قَالَ: وَمَنْ صَارَ إلَى هَذَا يَقُولُ: الْإِيمَانُ صِفَةٌ يُشْتَقُّ مِنْهَا اسْمُ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّصْدِيقُ؛ كَمَا أَنَّ الْعَالِمَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعِلْمِ فَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي قَطَعْت بِهِ كَمَا قَطَعْت بِأَنِّي عَالِمٌ وَعَارِفٌ وَمُصَدِّقٌ فَإِنْ وَرَدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَا يُزِيلُهُ خَرَجَ إذْ ذَاكَ عَنْ اسْتِحْقَاقِ هَذَا الْوَصْفِ. وَلَا يُقَالُ: تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إيمَانًا مَأْمُورًا بِهِ بَلْ كَانَ إيمَانًا مَجْزِيًّا فَتَغَيَّرَ وَبَطَلَ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مَغِيبٌ عَنْهُ وَهُوَ مَرْجُوٌّ. قَالَ: وَمَنْ صَارَ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَتَمَسَّكُ بِأَشْيَاءَ. مِنْهَا أَنْ يُقَالَ: الْإِيمَانُ عِبَادَةُ الْعُمْرِ وَهُوَ كَطَاعَةِ وَاحِدَةٍ فَيَتَوَقَّفُ صِحَّةُ أَوَّلِهَا عَلَى سَلَامَةِ آخِرِهَا. كَمَا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ. قَالُوا: وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِي الْحَالِ وَلِيًّا وَلَا سَعِيدًا وَلَا مَرْضِيًّا عِنْدَ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا يُسَمَّى فِي الْحَالِ عَدُوًّا لِلَّهِ وَلَا شَقِيًّا إلَّا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَعْدَاءِ فِي الْحَالِ لِإِظْهَارِهِ مِنْ نَفْسِهِ عَلَامَتَهُمْ. قُلْت: هَذَا الَّذِي قَالُوهُ أَنَّهُ لَا شَكَّ فِيهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ وَالْأَشْعَرِيِّ