للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَرْجِعَانِ إلَيْهِ. " وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ " إنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْمُسَمَّى إذَا كَانَ هُنَاكَ مُسَمًّى يَرْجِعَانِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَمَّا كَانَ السِّلْعَةُ هِيَ أَوْ مِثْلُهَا بِثَمَنِ مُسَمًّى وَجَبَ ثَمَنُ الْمِثْلِ إذَا أُخِذَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَكَمَا قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قَوَّمَ عَلَيْهِ قِيمَةً عَدْلٌ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ} فَهُنَاكَ أُقِيمَ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ وَمِثْلَهُ يُبَاعُ فِي السُّوقِ فَتُعْرَفُ الْقِيمَةُ الَّتِي هِيَ السِّعْرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ وَالصَّانِعُ كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِعَلِيِّ {أَنْ يُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْ الْبُدْنِ شَيْئًا وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا} " فَإِنَّ الذَّبْحَ وَقِسْمَةَ اللَّحْمِ عَلَى الْمُهْدِي؛ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْجَازِرِ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ يَسْتَحِقُّ نَظِيرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِثْلُهُ إذَا عَمِلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجِزَارَةَ مَعْرُوفَةٌ وَلَهَا عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّنَاعَاتِ: كَالْحِيَاكَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ. وَقَدْ كَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَخِيطُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى عَهْدِهِ فَيَسْتَحِقُّ هَذَا الْخَيَّاطُ مَا يَسْتَحِقُّهُ نُظَرَاؤُهُ وَكَذَلِكَ أَجِيرُ الْخِدْمَةِ يَسْتَحِقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ النَّاسِ. وَأَمَّا " الْأُمُّ الْمُرْضِعَةُ " فَهِيَ نَظِيرُ سَائِرِ الْأُمَّهَاتِ الْمُرْضِعَاتِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهُنَّ عَادَةٌ مُقَدَّرَةٌ إلَّا اعْتِبَارُ حَالِ الرَّضَاعِ بِمَا ذُكِرَ وَهِيَ إذَا كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ اسْتَحَقَّتْ نَفَقَتَهَا وَكِسْوَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ نَفَقَةٌ عَلَى الْحَمْلِ. وَهَذَا أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} .