فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ} فَلَمْ يَمْنَعْ الشُّفْعَةَ إلَّا مَعَ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَصَرْفِ الطُّرُقِ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ عَنْ جَابِرٍ. وَفِي السُّنَنِ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يَنْتَظِرُهُ بِهَا. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا} فَإِذَا قَضَى بِهَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي الطَّرِيقِ؛ فَلَأَنْ يَقْضِيَ بِهَا لِلِاشْتِرَاكِ فِي رَقَبَةِ الْمِلْكِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي شُفْعَةِ الْجَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. أَعْدَلُهَا هَذَا الْقَوْلُ: إنَّهُ إنْ كَانَ شَرِيكًا فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ ثَبَتَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا فَلَا. وَأَيْضًا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَوْلَى بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ الضَّرَرَ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالْمُقَاسِمَةِ وَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقِسْمَةُ يَكُونُ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ أَشَدَّ. وَظَنُّ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَثْبُتُ لِرَفْعِ الْمُقَاسَمَةِ؛ لَا لِضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ كَلَامٌ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. أَنَّهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْقِسْمَةَ فِيمَا يَقْبَلُهَا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ إلَى الْمُقَاسَمَةِ وَلَوْ كَانَ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ أَقْوَى لَمْ يَرْفَعْ أَدْنَى الضَّرَرَيْنِ بِالْتِزَامِ أَعْلَاهُمَا وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الدُّخُولَ فِي الشَّيْءِ الْكَثِيرِ لِرَفْعِ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ؛ فَإِنَّ شَرِيعَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute