للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ مُنَزَّهَةٌ عَنْ مِثْلِ هَذَا. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: هَذَا يَسْتَلْزِمُ ضَرَرَ الشَّرِيكِ الْبَائِعِ. فَجَوَابُهُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُقَاسَمَةَ وَلَمْ يُمْكِنْ قِسْمَةُ الْعَيْنِ؛ فَإِنَّ الْعَيْنَ تُبَاعُ وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَمَالِكِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي غُلَامٍ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْغُلَامِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ} فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْجَمِيعِ؛ لَا فِي قِيمَةِ نِصْفِ الْجَمِيعِ؛ فَإِنَّهُ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ كُلُّهُ سَاوَى أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَإِذَا بِيعَ نِصْفُهُ سَاوَى أَقَلَّ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَحَقُّ الشَّرِيكِ نِصْفُ الْأَلْفِ. فَهَكَذَا فِي الْعَقَارِ الَّذِي لَا يُقْسَمُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ قِيمَتِهِ جَمِيعِهِ فَيُبَاعُ جَمِيعُ الْعَقَارِ وَيُعْطَى حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ وَبِهَذَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الضَّرَرُ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ كَمَالُ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.