وَهُمْ يَطْلُبُونَ مَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ أَوْ مُشَاهَدَةَ قُلُوبِهِمْ لَهُ فِي الدُّنْيَا. فَيَسْلُكُونَ الطَّرِيقَ الْمُوَصِّلَةَ إلَى ذَلِكَ بِالْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ. فَالْإِيمَانُ: نَظِيرُ سُلُوكِ الرَّجُلِ الطَّرِيقَ الَّتِي وَصَفَهَا لَهُ السَّالِكُونَ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ. وَالْقُرْآنُ: تَصْدِيقُ الرُّسُلِ فِيمَا تُخْبِرُ بِهِ وَهُوَ نَظِيرُ اتِّبَاعِ الدَّلِيلِ مَنْزِلَةً مَنْزِلَةً وَلَا بُدَّ فِي طَرِيقِ اللَّهِ مِنْهُمَا. وَأَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ الْعَقْلُ ثُبُوتَهُ أَوَّلًا إذَا سَلَكَ طَرِيقًا يُفْضِي إلَى الْعِلْمِ بِهِ - فَلَا يَسْلُكُهَا ابْتِدَاءً إلَّا بِطَرِيقِ التَّقْلِيدِ وَالْمُصَادَرَةِ - كَسَائِرِ مَبَادِئِ الْعُلُومِ - فَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ فِي الطَّرِيقَةِ الْقِيَاسِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مِنْ تَقْلِيدٍ فِي الْأَوَّلِ - فِي سُلُوكِهِ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ طَرِيقٌ وَأَنَّهُ مُفْضٍ إلَى الْمَطْلُوبِ - أَوْ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مَوْجُودٌ. فَالطَّرِيقَةُ الْإِيمَانِيَّةُ - إذَا فُرِضَ أَنَّهَا كَذَلِكَ - لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِيهَا بَلْ تَكُونُ هِيَ أَحَقَّ؛ لِوُجُوهِ كَثِيرَةٍ. وَنَذْكُرُ بَعْضَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ. بَلْ لَا طَرِيقَ إلَّا هِيَ أَوْ مَا يُفْضِي إلَيْهَا أَوْ يَقْتَرِنُ بِهَا فَهِيَ شَرْطٌ قَطْعًا فِي دَرْكِ الْمَطْلُوبِ وَمَا سِوَاهَا لَيْسَ بِشَرْطِ؛ بَلْ يَحْصُلُ الْمَطْلُوبُ دُونَهُ وَقَدْ يَضُرُّ بِحُصُولِ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَحْصُلُ أَوْ يَحْصُلُ نَقِيضُهُ وَهُوَ الشَّقَاءُ الْأَعْظَمُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَتِلْكَ الطَّرِيقُ مُفْضِيَةٌ قَطْعًا وَلَا فَسَادَ فِيهَا وَمَا سِوَاهَا يَعْتَرِيه الْفَسَادُ كَثِيرًا وَهُوَ لَا يُوَصِّلُ وَحْدَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْإِيمَانِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute