للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهُ الثَّانِي فِي الْجَوَابِ: أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْقِيَاسِيَّةَ وَالرِّيَاضِيَّةَ إذَا سَلَكَهَا الرَّجُلُ وَأَفْضَتْ بِهِ إلَى الْمَعْرِفَةِ - إنْ أَفْضَتْ - عَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقًا صَحِيحًا وَأَنَّ مَطْلُوبَهُ قَدْ حَصَلَ وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ لَا يَعْرِفُ فَأَدْنَى أَحْوَالِ الْإِيمَانِيَّةِ - وَلَا دَنَاءَةَ فِيهَا - أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ. فَإِنَّهُ إذَا أَخَذَ الْإِيمَانَ بِاَللَّهِ وَرُسُلِهِ مُسَلَّمًا وَنَظَرَ فِي مُوجِبِهِ وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ: حَصَلَ لَهُ بِأَدْنَى سَعْيٍ مَطْلُوبُهُ مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَنَّ الطَّرِيقَ الَّتِي سَلَكَهَا صَحِيحَةٌ فَإِنَّ نَفْسَ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ رَبِّهِ وَطَاعَتِهِ يُقَرِّرُ عِنْدَهُ عِلْمًا يَقِينِيًّا بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَبْلَغُ بِكَثِيرِ مِمَّا ذَكَرَ أَوَّلًا. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِقْرَارَ بِاَللَّهِ قِسْمَانِ؛ فِطْرِيٌّ وَإِيمَانِيٌّ. فَالْفِطْرِيُّ: - وَهُوَ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ الصَّانِعِ - ثَابِتٌ فِي الْفِطْرَةِ. كَمَا قَرَّرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي مَوَاضِعَ وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِيهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَلَا يَحْتَاجُ هَذَا إلَى دَلِيلٍ؛ بَلْ هُوَ أَرْسَخُ الْمَعَارِفِ وَأَثْبَتُ الْعُلُومِ وَأَصْلُ الْأُصُولِ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالرَّسُولِ: فَبِأَدْنَى نَظَرٍ فِيمَا جَاءَ بِهِ أَوْ فِي حَالِهِ أَوْ فِي آيَاتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ شئونه يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالنُّبُوَّةِ: أَقْوَى بِكَثِيرِ مِمَّا يُحَصِّلُ الْمَطَالِبَ الْقِيَاسِيَّةَ والوجدية فِي الْأُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ؛ ثُمَّ إذَا قَوَّى النَّظَرَ فِي أَحْوَالِهِ: حَصَلَ مِنْ الْيَقِينِ الضَّرُورِيِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ مَا يَكُونُ أَصْلًا رَاسِخًا. وَبَسْطُ هَذَا مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. إذْ الْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ خَطَأٍ مِنْ مَسْلَكِ طَرِيقِ الْقِيَاسِ أَوْ الرِّيَاضَةِ دُونَ الْإِيمَانِ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا تَقْرِيرُ طَرِيقَةِ الْإِيمَانِ فَشَأْنُهُ عَظِيمٌ وَأَعْظَمُ مِمَّا كَتَبْته هُنَا. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّا نُخَاطِبُ الْمُسْلِمِينَ الْمُتَّسِمِينَ بِالْإِيمَانِ الَّذِينَ غَرَضُ أَحَدِهِمْ