وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ الْإِنْسَانَ مُحِسٌّ بِأَنَّهُ عَالِمٌ: يَجِدُ ذَلِكَ وَيَعْرِفُهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةِ أَحَدٍ؛ كَمَا يُحِسُّ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَحُصُولُ الْعِلْمِ فِي الْقَلْبِ كَحُصُولِ الطَّعَامِ فِي الْجِسْمِ فَالْجِسْمُ يُحِسُّ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ وَكَذَلِكَ الْقُلُوبُ تُحِسُّ بِمَا يَتَنَزَّلُ إلَيْهَا مِنْ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ طَعَامُهَا وَشَرَابُهَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّ كُلَّ آدِبٍ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى مَأْدُبَتُهُ وَإِنَّ مَأْدُبَةَ اللَّهِ هِيَ الْقُرْآنُ} " وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " {مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ: كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ أَرْضًا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَسَقَى النَّاسُ وَزَرَعُوا وَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ إنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْت بِهِ} ". فَضَرَبَ مَثَلَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْقُلُوبِ بِالْمَاءِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى الْأَرْضِ. وَكَمَا أَنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً مُوكَلَةً بِالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ فَلَهُ مَلَائِكَةٌ مُوكَلَةٌ بِالْهُدَى وَالْعِلْمِ. هَذَا رِزْقُ الْقُلُوبِ وَقُوتُهَا وَهَذَا رِزْقُ الْأَجْسَادِ وَقُوتُهَا قَالَ الْحَسَنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute