الصِّرَاطِ كِتَابُ اللَّهِ؛ وَالدَّاعِي فَوْقَ الصِّرَاطِ وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ} فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعَظِيمِ - الَّذِي مَنْ عَرَفَهُ انْتَفَعَ بِهِ انْتِفَاعًا بَالِغًا إنْ سَاعَدَهُ التَّوْفِيقُ؛ وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ عُلُومٍ كَثِيرَةٍ - أَنَّ فِي قَلْبِ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَاعِظًا وَالْوَعْظُ هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ؛ وَالتَّرْغِيبُ وَالتَّرْهِيبُ. وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ مَعْمُورًا بِالتَّقْوَى انْجَلَتْ لَهُ الْأُمُورُ وَانْكَشَفَتْ؛ بِخِلَافِ الْقَلْبِ الْخَرَابِ الْمُظْلِمِ؛ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: إنَّ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سِرَاجًا يُزْهِرُ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " {إنَّ الدَّجَّالَ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ قَارِئٍ وَغَيْرِ قَارِئٍ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَا لَا يَتَبَيَّنُ لِغَيْرِهِ؛ وَلَا سِيَّمَا فِي الْفِتَنِ وَيَنْكَشِفُ لَهُ حَالُ الْكَذَّابِ الْوَضَّاعِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ الدَّجَّالَ أَكْذَبُ خَلْقِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ يُجْرِي عَلَى يَدَيْهِ أُمُورًا هَائِلَةً ومخاريق مُزَلْزِلَةً حَتَّى إنَّ مَنْ رَآهُ افْتَتَنَ بِهِ فَيَكْشِفُهَا اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِ حَتَّى يَعْتَقِدَ كَذِبَهَا وَبُطْلَانَهَا. وَكُلَّمَا قَوِيَ الْإِيمَانُ فِي الْقَلْبِ قَوِيَ انْكِشَافُ الْأُمُورِ لَهُ؛ وَعَرَفَ حَقَائِقَهَا مِنْ بَوَاطِلِهَا وَكُلَّمَا ضَعُفَ الْإِيمَانُ ضَعُفَ الْكَشْفُ وَذَلِكَ مَثَلُ السِّرَاجِ الْقَوِيِّ وَالسِّرَاجِ الضَّعِيفِ فِي الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ: {نُورٌ عَلَى نُورٍ} قَالَ: هُوَ الْمُؤْمِنُ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ الْمُطَابِقَةِ لِلْحَقِّ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فِيهَا بِالْأَثَرِ فَإِذَا سَمِعَ فِيهَا بِالْأَثَرِ كَانَ نُورًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute