للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَصْلٌ:

وَقَدْ قَالَ قَائِلُونَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّة والحرورية: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أَنَّهُ اسْتَوْلَى وَمَلَكَ وَقَهَرَ وَأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. وَجَحَدُوا أَنْ يَكُونَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْحَقِّ وَذَهَبُوا بِالِاسْتِوَاءِ إلَى الْقُدْرَةِ؛ فَلَوْ كَانَ هَذَا كَمَا ذَكَرُوا كَانَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَرْشِ وَالْأَرْضِ السَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. إلَى أَنْ قَالَ - وَأَكْثَرُوا فِي هَذَا - وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ جَمِيعُهُمْ مِنْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ: وَالْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ وَلَا وَصْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ فَمَنْ فَسَّرَ الْيَوْمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ خَرَجَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا؛ وَلَكِنْ أَقَرُّوا بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا؛ فَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ فَقَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ؛ فَإِنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةِ لَا شَيْءٍ.