فَغَيَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: {اخْرُجْ مِنْهَا} الْآيَةَ - فَإِنَّ هَذَا - مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْإِلْحَادِ - كَذِبٌ عَلَى آدَمَ وَإِبْلِيسَ فَإِنَّ آدَمَ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ هُوَ الْفَاعِلُ لِلْخَطِيئَةِ وَأَنَّهُ هُوَ الظَّالِمُ لِنَفْسِهِ وَتَابَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ اللَّهَ ظَلَمَنِي وَلَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي فِي الْبَاطِنِ بِالْأَكْلِ قَالَ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} وَإِبْلِيسُ أَصَرَّ وَاحْتَجَّ بِالْقَدَرِ فَقَالَ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} . وَأَمَّا قَوْلُهُ: رَآهُ غَيْرًا فَلَمْ يَسْجُدْ - فَهَذَا شَرٌّ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِالْقَدَرِ فَإِنَّ هَذَا قَوْل أَهْلِ الْوَحْدَةِ الْمُلْحِدِينَ وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى إبْلِيسَ فَإِنَّ إبْلِيسَ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ السُّجُودِ لِكَوْنِهِ غَيْرًا بَلْ قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} وَلَمْ تُؤْمَرْ الْمَلَائِكَةُ بِالسُّجُودِ لِكَوْنِ آدَمَ لَيْسَ غَيْرًا بَلْ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَآدَمَ ثَابِتَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} .
وَكَانَتْ الْمَلَائِكَةُ وَآدَمُ: مُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ اللَّهَ مُبَايِنٌ لَهُمْ وَهُمْ مُغَايِرُونَ لَهُ وَلِهَذَا دَعَوْهُ دُعَاءَ الْعَبْدِ رَبَّهُ فَآدَمُ يَقُولُ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: {لَا عِلْمَ لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} وَتَقُولُ: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} الْآيَةَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute