مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَالذِّكْرِ وَالْمَحَبَّةِ يَغِيبُ بِشُهُودِهِ فِيمَا حَصَلَ لِقُلُوبِهِمْ وَيَحْصُلُ لَهُمْ فَنَاءٌ وَاصْطِلَامٌ فَيَظُنُّونَ أَنَّ هَذَا هُوَ أَمْرٌ مَشْهُودٌ بِعُيُونِهِمْ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا فِي الْقَلْبِ وَلِهَذَا ظَنَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ يَرَى اللَّهَ بِعَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا.
وَهَذَا مِمَّا وَقَعَ لِجَمَاعَةِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين وَهُوَ غَلَطٌ مَحْضٌ حَتَّى أَوْرَثَ مِمَّا يَدَّعِيهِ هَؤُلَاءِ شَكًّا عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْكَلَامِ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ رُؤْيَةَ اللَّهِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ الْمَعْرِفَةِ بِالسُّنَّةِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ هَلْ يَقَعُ فِي الدُّنْيَا أَوْ لَا يَقَعُ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُ فِي وُقُوعِهَا فِي الدُّنْيَا قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَجُوزُ ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ ضَلَالٌ فَإِنَّ أَئِمَّةَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ بِعَيْنِهِ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتَنَازَعُوا إلَّا فِي نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً. وَقَدْ رُوِيَ نَفْيُ رُؤْيَتِنَا لَهُ فِي الدُّنْيَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا ذَكَرَ الدَّجَّالَ قَالَ: وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يَرَى رَبَّهُ حَتَّى يَمُوتَ} وَمُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ سَأَلَ الرُّؤْيَةَ فَذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ قَوْلَهُ: {لَنْ تَرَانِي} وَمَا أَصَابَ مُوسَى مِنْ الصَّعْقِ. وَهَؤُلَاءِ: مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ مُوسَى رَآهُ وَإِنَّ الْجَبَلَ كَانَ حِجَابَهُ فَلَمَّا جَعَلَ الْجَبَلَ دَكًّا رَآهُ وَهَذَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ أَبِي طَالِبٍ وَنَحْوِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ الرَّائِي هُوَ الْمَرْئِيَّ؛ فَهُوَ اللَّهُ فَيَذْكُرُونَ اتِّحَادًا وَأَنَّهُ أَفْنَى مُوسَى عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute