نَعْتُهُ مُتَّصِلٌ بِذَاتِهِ وَالْعَرْشُ خَلْقُهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ صِفَاتِهِ؛ لَيْسَ بِمُضْطَرِّ إلَى مَكَانٍ يَسَعُهُ وَلَا حَامِلٍ يَحْمِلُهُ. إلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ لَا يَسَعُهُ غَيْرُ مَشِيئَتِهِ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي أَنْوَارِ صِفَتِهِ وَلَا يُوجَدُ إلَّا فِي سِعَةِ الْبَسْطَةِ. فَإِذَا قَبَضَ أَخْفَى مَا أَبْدَى؛ وَإِذَا بَسَطَ أَعَادَ مَا أَخْفَى. وَكَذَلِكَ جَعْلُهُ فِي كُلِّ رَسْمٍ كَوْنٌ؛ وَفِعْلُهُ بِكُلِّ اسْمٍ مَكَانٌ؛ وَمِمَّا جَلَّ فَظَهَرَ وَمِمَّا دَقَّ فَاسْتَتَرَ. لَا يَسَعُهُ غَيْرُ مَشِيئَتِهِ بِقُرْبِهِ. وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِشُهُودِهِ. وَلَا يُرَى إلَّا بِنُورِهِ؛ هَذَا لِأَوْلِيَائِهِ الْيَوْمَ بِالْغَيْبِ فِي الْقُلُوبِ وَلَهُمْ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُشَاهَدَةِ بِالْأَبْصَارِ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِمَشِيئَتِهِ إنْ شَاءَ وَسِعَهُ أَدْنَى شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَسَعْهُ كُلُّ شَيْءٍ. إنْ أَرَادَ عَرَفَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَمْ يَعْرِفْهُ شَيْءٌ إنْ أَحَبَّ وُجِدَ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ. وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ لَمْ يُوجَدْ بِشَيْءِ. وَذَكَرَ تَمَامَ كَلَامِهِ كَمَا حَكَيْنَاهُ مِنْ قَبْلُ. قُلْت: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ قُرْبِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَأَنَّهُ لَا يَتَجَلَّى بِوَصْفِ مَرَّتَيْنِ وَلَا يَظْهَرُ فِي صُورَةٍ لِاثْنَيْنِ هُوَ حُكْمُ مَا يَظْهَرُ لِبَعْضِ السَّالِكِينَ مِنْ قُرْبِهِ إلَى قُلُوبِهِمْ وَتَجَلِّيهِ لِقُلُوبِهِمْ - لَا أَنَّ هَذَا هُوَ وَصْفُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَأَنَّهُ كَمَا تَحْصُلُ هَذِهِ التَّجَلِّيَاتُ الْمُخْتَلِفَةُ تَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْعُيُونِ -. وَهَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا يَقَعُ الْغَلَطُ فِيهِ لِكَثِيرِ مِنْ السَّالِكِينَ؛ يَشْهَدُونَ أَشْيَاءَ بِقُلُوبِهِمْ فَيَظُنُّونَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ هَكَذَا حَتَّى إنَّ فِيهِمْ خَلْقًا مِنْهُمْ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ اللَّهَ بِعُيُونِهِمْ؛ لِمَا يَغْلِبُ عَلَى قُلُوبِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute