قَدْ يَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا. وَكَذَلِكَ الْمُفَرَّقُ قَدْ يُفَرِّقُ بِوَصْفٍ يَدَّعِي انْتِقَاضَهُ بِإِحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ مُخْتَصًّا بِهَا بَلْ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُخْرَى كَقَوْلِهِمْ: النَّهْيُ لِمَعْنًى فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَذَلِكَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ أَوْ ذَاكَ لِمَعْنًى فِي وَصْفِهِ دُونَ أَصْلِهِ. وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ النَّهْيُ لِمَعْنًى يَخْتَصُّ بِالْعِبَادَةِ وَالْعَقْدِ وَقَدْ يَكُونُ لِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا كَمَا يُنْهَى الْمُحْرِمُ عَمَّا يَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ مِثْلَ حَلْقِ الرَّأْسِ وَلُبْسِ الْعِمَامَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الثِّيَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَيُنْهَى عَنْ نِكَاحِ امْرَأَتِهِ وَيُنْهَى عَنْ صَيْدِ الْبَرِّ وَيُنْهَى مَعَ ذَلِكَ عَنْ الزِّنَا وَالظُّلْمِ لِلنَّاسِ فِيمَا مَلَكُوهُ مِنْ الصَّيْدِ. وَحِينَئِذٍ فَالنَّهْيُ لِمَعْنًى مُشْتَرَكٍ أَعْظَمُ؛ وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا مَمْلُوكًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِحَقِّ اللَّهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ لِحَقِّ الْمَالِكِ. وَلَوْ زَنَى لَأَفْسَدَ إحْرَامَهُ كَمَا يَفْسُدُ بِنِكَاحِ امْرَأَتِهِ وَيَسْتَحِقُّ حَدَّ الزِّنَا مَعَ ذَلِكَ. وَعَلَى هَذَا فَمَنْ لَبِسَ فِي الصَّلَاةِ مَا يَحْرُمُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا كَالثِّيَابِ الَّتِي فِيهَا خُيَلَاءُ وَفَخْرٌ؛ كَالْمُسَبَّلَةِ وَالْحَرِيرِ كَانَ أَحَقَّ بِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ مِنْ الثَّوْبِ النَّجِسِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ: {إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ مُسَبِّلٍ} . وَالثَّوْبُ النَّجِسُ فِيهِ نِزَاعٌ وَفِي قَدْرِ النَّجَاسَةِ نِزَاعٌ وَالصَّلَاةُ فِي الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ حَرَامٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ بَعْدَ النِّدَاءِ إذَا كَانَ قَدْ نُهِيَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ يَشْغَلُ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute