للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاعْتِبَارِ الَّذِي يُوجِبُ انْتِهَارَ النُّفُوسِ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَالتَّمَسُّكِ بِالتَّقْوَى وَكَذَلِكَ مَا بَيَّنَهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} . وَمَعَ هَذَا فَمِنْ النَّاسِ وَالنِّسَاءِ مَنْ يُحِبُّ سَمَاعَ هَذِهِ السُّورَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْعِشْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ؛ لِمَحَبَّتِهِ لِذَلِكَ وَرَغْبَتِهِ فِي الْفَاحِشَةِ حَتَّى إنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقْصِدُ إسْمَاعَهَا لِلنِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ لِمَحَبَّتِهِمْ لِلسُّوءِ وَيَعْطِفُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَخْتَارُونَ أَنْ يَسْمَعُوا مَا فِي سُورَةِ النُّورِ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَالنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كُلُّ مَا حَصَّلْته فِي سُورَةِ يُوسُفَ أَنْفَقْته فِي سُورَةِ النُّورِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ثُمَّ قَالَ: {وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلَّا خَسَارًا} وَقَالَ {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} . فَكُلُّ أَحَدٍ يُحِبُّ سَمَاعَ ذَلِكَ لِتَحْرِيكِ الْمُحِبَّةِ الْمَذْمُومَةِ وَيُبْغِضُ سَمَاعَ ذَلِكَ إعْرَاضًا عَنْ دَفْعِ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ وَإِزَالَتِهَا: فَهُوَ مَذْمُومٌ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ ذِكْرُ أَحْوَالِ الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَرْغِيبٌ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ.