وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ -:
فَصْلٌ:
ثُمَّ إنَّ الْمُنْحَرِفِينَ الْمُشَابِهِينَ لِلصَّابِئَةِ: إمَّا مُجَرِّدَةٌ؛ وَإِمَّا مُنْحَرِفَةٌ إلَى يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ مَنْ أَهْلِ الْمَنْطِقِ وَالْقِيَاسِ الطَّالِبِينَ لِلْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَمِنْ أَهْلِ الْعَمَلِ وَالْوَجْدِ الطَّالِبِينَ لِلْمَعْرِفَةِ. وَالْحَالِ: أَهْلُ الْحُرُوفِ. وَأَهْلُ الْأَصْوَاتِ سَلَكُوا فِي أَصْلِ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ طَرِيقَيْنِ: كُلٌّ مِنْهُمْ سَلَكَ طَرِيقًا. وَقَدْ يَسْلُكُ بَعْضُهُمْ هَذَا فِي وَقْتٍ وَهَذَا فِي وَقْتٍ وَرُبَّمَا جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ. وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ إلَيْهِ طَرِيقٌ إلَّا أَحَدُ هَذَيْنِ كَمَا يَذْكُرُهُ جَمَاعَاتٌ: مِثْلَ ابْنِ الْخَطِيبِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُ بَلْ مِثْلُ أَبِي حَامِدٍ لَمَّا حَصَرَ الطُّرُقَ فِي الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ الَّذِي هُوَ النَّظَرُ؛ وَالْقِيَاسُ؛ أَوْ فِي التَّصَوُّفِ وَالْعِبَادَةِ؛ الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ وَالْوَجْدُ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ. بَلْ أَبُو حَامِدٍ لَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُنْقِذِ مِنْ الضَّلَالِ وَالْمُفْصِحِ بِالْأَحْوَالِ أَحْوَالَهُ فِي طُرُقِ الْعِلْمِ وَأَحْوَالِ الْعَالِمِ وَذَكَرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا عَرَضَ لَهُ مَا يَعْتَرِضُ طَرِيقَهُمْ - وَهُوَ السَّفْسَطَةُ بِشُبَهِهَا الْمَعْرُوفَةِ - وَذَكَرَ أَنَّهُ أَعْضَلَ بِهِ هَذَا الدَّاءُ قَرِيبًا مِنْ شَهْرَيْنِ؛ هُوَ فِيهِمَا عَلَى مَذْهَبِ السَّفْسَطَةِ بِحُكْمِ الْحَالِ لَا بِحُكْمِ الْمَنْطِقِ وَالْمَقَالِ حَتَّى شَفَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute