للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صِدْقِهِ وَالْقُرْآنُ فِيهِ الْآيَاتُ الْمُحْكَمَاتُ اللَّاتِي هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ قَدْ عَلِمَ مَعْنَاهَا وَعَلِمَ أَنَّهَا حَقٌّ وَبِذَلِكَ يَهْتَدِي الْخَلْقُ وَيَنْتَفِعُونَ. فَمَنْ اتَّبَعَ الْمُتَشَابِهَ ابْتَغَى الْفِتْنَةَ وَابْتَغَى تَأْوِيلَهُ وَالْأَوَّلُ قَصْدُهُمْ فِيهِ فَاسِدٌ وَالثَّانِي لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ بَلْ يَتَكَلَّمُونَ فِي تَأْوِيلِهِ بِمَا يُفْسِدُ مَعْنَاهُ إذْ كَانُوا لَيْسُوا مِنْ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ. وَإِنَّمَا الرَّاسِخُ فِي الْعِلْمِ الَّذِي رَسَخَ فِي الْعِلْمِ بِمَعْنَى الْمُحْكَمِ وَصَارَ ثَابِتًا فِيهِ لَا يَشُكُّ وَلَا يَرْتَابُ فِيهِ بِمَا يُعَارِضُهُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ بَلْ هُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ قَدْ يَعْلَمُونَ تَأْوِيلَ الْمُتَشَابِهِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرْسَخْ فِي ذَلِكَ بَلْ إذَا عَارَضَهُ الْمُتَشَابِهُ شَكَّ فِيهِ فَهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُتَشَابِهِ مَا يُنَاقِضُ الْمُحْكَمَ فَلَا يَعْلَمُ مَعْنَى الْمُتَشَابِهِ إذْ لَمْ يَرْسَخْ فِي الْعِلْمِ بِالْمُحْكَمِ. وَهُوَ يَبْتَغِي الْفِتْنَةَ فِي هَذَا وَهَذَا. فَهَذَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَرْدَعُهُ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِصَبِيغِ. وَأَمَّا مَنْ قَصْدُهُ الْهُدَى وَالْحَقُّ فَلَيْسَ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَسْأَلُ وَيُسْأَلُ عَنْ مَعَانِي الْآيَاتِ الدَّقِيقَةِ وَقَدْ سَأَلَ أَصْحَابَهُ عَنْ قَوْلِهِ {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فَذَكَرُوا ظَاهِرَ لَفْظِهَا. وَلَمَّا فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهَا إعْلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِ وَفَاتِهِ قَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلَّا مَا تَعْلَمُ.