بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُنْتَهَاهُمْ اتِّبَاعُ أَهْوَائِهِمْ {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ حَقِيقَتُهُمْ هِيَ قَوْلَ " الْجَهْمِيَّة الْمُجَبِّرَةِ " فَرَأَوْا أَنَّ جَمِيعَ الْكَائِنَاتِ اشْتَرَكَتْ فِي الْمَشِيئَةِ وَلَمْ يُمَيِّزُوا بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ بِأَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ هَذَا وَيَرْضَاهُ وَهَذَا يُبْغِضُهُ وَيُسْخِطُهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمَعْرُوفَ وَيُبْغِضُ الْمُنْكَرَ فَإِذَا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا نُكِتَ فِي قُلُوبِهِمْ نُكَتٌ سُودٌ فَسُوِّدَ قُلُوبُهُمْ فَيَكُونُ الْمَعْرُوفُ مَا يَهْوَوْنَهُ وَيُحِبُّونَهُ وَيَجِدُونَهُ وَيَذُوقُونَهُ وَيَكُونُ الْمُنْكَرُ مَا يَهْوَوْنَ بُغْضَهُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ قُلُوبُهُمْ كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا {عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ} {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} وَلِهَذَا يُوجَدُ فِي هَؤُلَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ مَنْ يَنْفِرُونَ عَنْ الْقُرْآنِ وَالشَّرْعِ كَمَا تَنْفِرُ الْحُمُرُ الْمُسْتَنْفِرَةُ الَّتِي تَفِرُّ مِنْ الرُّمَاةِ وَمِنْ الْأَسَدِ وَلِهَذَا يُوصَفُونَ بِأَنَّهُمْ إذَا قِيلَ لَهُمْ قَالَ الْمُصْطَفَى نَفَرُوا. وَكَانَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مِعْضَادٍ يَقُولُ - لِمَنْ رَآهُ مِنْ هَؤُلَاءِ كاليونسية وَالْأَحْمَدِيَّةِ - يَا خَنَازِيرُ يَا أَبْنَاءَ الْخَنَازِيرِ مَا أَرَى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ عِنْدَكُمْ رَائِحَةً {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} كُلٌّ مِنْهُمْ يُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَهُ قَلْبُهُ عَنْ رَبِّهِ فَيَأْخُذُ عَنْ اللَّهِ بِلَا وَاسِطَةِ الرَّسُولِ {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ قَوْلَ " الْقَدَرِيَّةِ الْجَهْمِيَّة الْمُجَبِّرَةِ " أَعْظَمُ مُنَاقَضَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute