وَاَلَّذِينَ مَنَعُوا الْفَسْخَ أَوْ الْمُتْعَةَ مُطْلَقًا قَالُوا: كَانَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً. قَالُوا: لِأَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَأَ الدَّبَر وَعَفَا الْأَثَر وَانْسَلَخَ صَفَر فَقَدْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرَ. قَالُوا: فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ بِالْعُمْرَةِ؛ لِيُبَيِّنَ جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ اعْتَمَرَ قَبْلَ ذَلِكَ عُمَرَهُ الثَّلَاثَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَاعْتَمَرَ عُمْرَتَهُ الْأُولَى عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَاعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَاعْتَمَرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّ عَائِشَةَ قِيلَ لَهَا: إنَّ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ فَقَالَتْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ مَا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ قَطُّ وَمَا اعْتَمَرَ إلَّا وَابْنُ عُمَرَ مَعَهُ} . وَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى مَا قَالَتْ عَائِشَةَ بِأَنَّ عُمَرَهُ كُلَّهَا كَانَتْ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَهُوَ أَوْسَطُ أَشْهُرِ الْحَجِّ. فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَعْلَمُوا جَوَازَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ حَتَّى أَمَرَهُمْ بِالْفَسْخِ وَقَدْ فَعَلَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {عن عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عِنْدَ الْمِيقَاتِ: مَنْ شَاءَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةِ وَحَجَّةٍ فَلْيَفْعَلْ} . فَبَيَّنَ لَهُمْ جَوَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute