ذَكَرَ أَنَّ اللَّهَ شَهِدَ بِهَا فَقَالَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ} وَالتَّالِي لِلْقُرْآنِ إنَّمَا يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ شَهِدَ بِهَا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَهَادَةٌ مِنْ التَّالِي نَفْسِهِ بِهَا فَذَكَرَهَا اللَّهُ مُجَرَّدَةً لِيَقُولَهَا التَّالِي فَيَكُونُ التَّالِي قَدْ شَهِدَ بِهَا أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. فَالْأُولَى خَبَرٌ عَنْ اللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ لِنَفْسِهِ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ وَهَذِهِ خَبَرٌ عَنْ اللَّهِ بِالتَّوْحِيدِ. وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وَالْعِزَّةُ تَتَضَمَّنُ الْقُدْرَةَ وَالشِّدَّةَ وَالِامْتِنَاعَ وَالْغَلَبَةَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: عَزَّ يعز بِفَتْحِ الْعَيْنِ إذَا صُلِبَ وَعَزَّ يَعِزُّ بِكَسْرِهَا إذَا امْتَنَعَ وَعَزَّ يَعُزُّ بِضَمِّهَا إذَا غَلَبَ. فَهُوَ سُبْحَانَهُ فِي نَفْسِهِ قَوِيٌّ مَتِينٌ وَهُوَ مَنِيعٌ لَا يُنَالُ وَهُوَ غَالِبٌ لَا يُغْلَبُ. وَالْحَكِيمُ يَتَضَمَّنُ حُكْمُهُ وَعِلْمُهُ وَحِكْمَتُهُ فِيمَا يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ فَإِذَا أَمَرَ بِأَمْرِ كَانَ حَسَنًا وَإِذَا أَخْبَرَ بِخَبَرِ كَانَ صِدْقًا وَإِذَا أَرَادَ خَلْقَ شَيْءٍ كَانَ صَوَابًا فَهُوَ حَكِيمٌ فِي إرَادَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ.
فَصْلٌ:
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ثَلَاثَةَ أُصُولٍ: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّهُ قَائِمٌ بِالْقِسْطِ وَأَنَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ؛ فَتَضَمَّنَتْ وَحْدَانِيَّتَهُ الْمُنَافِيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute