للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ} فَهَلْ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا يَقُولُهُ الِاتِّحَادِيَّةُ: بَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ؟ .

فَأَجَابَ:

الْحَمْدُ لِلَّهِ، قَوْلُهُ {لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ} : مَرْوِيٌّ بِأَلْفَاظِ أُخَرَ كَقَوْلِهِ: {يَقُولُ اللَّهُ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ. يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} وَفِي لَفْظٍ: {لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} وَفِي لَفْظٍ: {يَقُولُ ابْنُ آدَمَ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ وَأَنَا الدَّهْرُ} . فَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ {بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ الزَّمَانُ فَإِنَّهُ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالزَّمَانُ هُوَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ؛ فَدَلَّ نَفْسُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ يُقَلِّبُ الزَّمَانَ وَيُصَرِّفُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} . وَإِزْجَاءُ السَّحَابِ سَوْقُهُ. وَالْوَدْقُ الْمَطَرُ.