للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِنَفْسِهِ وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ وَهُوَ الَّذِي يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُ الْمُلْك مِمَّنْ يَشَاءُ. وَالْمُلْكُ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ وَالتَّدْبِيرِ وَيُرَادُ بِهِ نَفْسُ التَّدْبِيرِ وَالتَّصَرُّفِ وَيُرَادُ بِهِ الْمَمْلُوكُ نَفْسُهُ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ التَّدْبِيرِ وَيُرَادُ بِهِ ذَلِكَ كُلُّهُ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ بِرُّ الْأَبْرَارِ وَفُجُورُ الْفُجَّارِ مُوجِبًا لِزِيَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا نَقْصِهِ؛ بَلْ هُوَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ فَلَوْ شَاءَ أَنْ يَخْلُقَ مَعَ فُجُورِ الْفُجَّارِ مَا شَاءَ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ كَمَا يَمْنَعُ الْمُلُوكَ فُجُورُ رَعَايَاهُمْ الَّتِي تُعَارِضُ أَوَامِرَهُمْ عَمَّا يَخْتَارُونَهُ مِنْ ذَلِكَ. وَلَوْ شَاءَ أَنْ لَا يَخْلُقَ مَعَ بِرِّ الْأَبْرَارِ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَهُ لَمْ يَكُنْ بِرُّهُمْ مُحْوِجًا لَهُ إلَى ذَلِكَ وَلَا مُعِينًا لَهُ كَمَا يَحْتَاجُ الْمُلُوكُ وَيَسْتَعِينُونَ بِكَثْرَةِ الرَّعَايَا الْمُطِيعِينَ.

فَصْلٌ:

ثُمَّ ذَكَرَ حَالَهُمْ فِي النَّوْعَيْنِ سُؤَالَ بِرِّهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ. الَّلَذَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ ذَكَرَ الِاسْتِهْدَاءَ وَالِاسْتِطْعَامَ وَالِاسْتِكْسَاءَ وَذَكَرَ الْغُفْرَانَ وَالْبِرَّ وَالْفُجُورَ فَقَالَ: " {لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْت كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ مَسْأَلَتَهُ